زدني علماً عن فلسطين _ Palestine

أرض بارك الله فيها .... وأقسم بثمارها....وأعلى شأنها
ملأ عبيرُ أزهارها الكون ... وفاحت من أزقّتها رائحة الليمون ..
إنها القدس
القدس التي شهد لها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله :

كانت هذه الزيارة هدية من رب رحيم لنبي الرحمة ... تخفيفاً عنه وإجلاءً لحزنه بعد عام الحزن؛
ففي تلك الليلة المباركة ،في السابع و العشرين من شهر رجب ... أٌتي النبي بدابة
تٌدعى البراق فركبها ، وأٌسري به إلى المسجد الأقصى وعندما وصل هناك ربط
دابته إلى الحائط الغربي والذي صار يعرف بحائط البراق _ويدعوه اليهود
اليوم حائط المبكى _لأنهم يبكون عنده ظناً منهم أنه جزء من هيكلهم_ و
اجتمع بسائر الأنبياء وأمَّهم بصلاةٍ لم يشهد لها التاريخ مثيلاً
ونظراً لأن رسولنا أَمَّ الأنبياء ... ولقوله :"لا يؤم الرجل في بيته "
فقد كان المسجد الأقصى لرسول الله بمثابة المنزل الرحب فياله من مكان مبارك
بعد هذه الصلاة المباركة عاد رسول الله
عليه فركب البراق الذي عرج به إلى السموات العلا في رحلة أشبه بالخيال لا
يصدقها عقل ...إنها معجزة تفوق حدود إدراكنا ...وصل فيها رسولنا الكريم
إلى مكان ما كان جبريل ليدخله فكلّم ربه ...ورأى نعيم أهل الجنة وعذاب أهل
النار
كما أنه حمل إلينا فيها أروع هدية من رب الأكوان ... هدية خص
الله بها المسلمين إنها الصلاة... الصلاة التي سمح لنا بها جل وعلا بخطابه
.... ومناجاته ودعائه ... خمس مرات في اليوم يغسلنا فيها من صغار الخطايا
فما أجملها من هدية وما أروعها من رحلة .




امتدت يد الفتح إلى هذه الأرض المباركة _أرض فلسطين_ فكانت أرحم يد مُدَّت
إليها وأروع فترة في تاريخها ازدهرت فيها القدس وعاش المسلمون فيها بسلام
مع النصارى لا يؤذون كنائسهم ولا صلبانهم مقابل دفعهم الجزية
كان هذا الفتح الرحيم في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الذي أسعدته لحظة الفتح وأقرّت عينه.. فأمر بلالاً بأن يؤذن لهذا الفتح...
بلال الذي أقسم ألا يؤذن إلا لرسول الله !! لكن هذه اللحظة كانت ستسعد
رسول الله فما كان منه إلا أن أذّن استجابةً لأمير المؤمنين ، وعندما وصل
في الأذان إلى قوله (أشهد أن محمداً رسول الله) بكت الجيوش و بكى عمر حتى
سٌمع نحيبه رضي الله عنه
، فما قصة هذا الفتح!

أرسل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه لفتح بلاد الشام أربعة جيوش بقيادة أربعة من القادة وهم :
أبو عبيدة بن الجراح
خالد بن الوليد
عمرو بن العاص _ وجهته إلى فلسطين.
شرحبيل بن حَسَنة
الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء في معركة اليرموك حينما
اجتمعوا .. و استبسل الروم بعد اليرموك في دفاعهم عن القدس آخر معقل لهم
في بلاد الشام و هيهات لهذا الصمود أن يقف في وجه الإسلام وقوته ، ولما
ضاقت عليهم السبل قبلوا بتسليمها إلى المسلمين شريطة أن يكون أول من
يدخلها هو أمير المؤمنين عمر_الذي ولي الخلافة بعد أبي بكر رضي الله
عنهما_ ذلك أنه كتب في النبوءات التي عندهم أن الذي يفتح الأرض في الطول
والعرض ومنها فلسطين هو الرجل الأسمر الطويل الأحور وكانت هذه صفات أمير
المؤمنين عمر...
عندها أرسل إليه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بالخبر فجاء أمير
المؤمنين عمر رضي الله عنه إلى القدس في رحلة تُضرب بها الأمثال في تواضع
المسلمين:
لقد جاء أمير المؤمنين مع غلامه على بعير واحدة فكانا
يتبادلان الركوب عليها حتى إذا ما شارفا على دخول القدس كان دور الغلام
ليركب البعير وأراد الغلام أن يقدم أمير المؤمنين ليدخل القدس راكباً لكن
أمير المؤمنين أبى بعدله إلا أن يُحقّ الحق فقد كان دور الغلام لا دوره
فدخل بيت المقدس ماشياً يخوض بثيابه مخاضة الطين ويجرّ بعيره بيده وعليه
الغلام ذلك ليعلّم الأمة دروساً في التواضع ....تواضعٌ رَفَعَه بين الناس
... تواضعٌ لم يُنقص من هيبته بل زاده وقاراً وعظمةً حتى أن بطريك الروم
قال عند رؤيته لذلك المشهد المدهش :


"إن أحداً في الدنيا لا يستطيع الوقوف في وجه هؤلاء القوم"



حينها كتبت المعاهدة بين المسلمين والنصارى وسميت تلك المعاهدة بـ



"العهدة العمرية "



كم سيأسى رسول الله لرؤيته المسجد الأقصى _مكان اجتماعه بأنبياء الله_ وقد ارتُكبت فيه مجازر و دٌنّس وانتٌهكت حرمته

فقد أقدم اليهود على إحراق المسجد الأقصى عام 1969 م ... أحرقوه وقطعوا الماء عن القدس لكي لا يتمكن أحد من إطفاء هذا الحريق.



وهاهم اليوم يحفرون أنفاقاً تحت المسجد الطاهر بحثاً عن آثار هيكلهم المزعوم ... آثار لا وجود لها ولا لجزء منها

لكن ... ليتنا كنا جنوداً في جيش عمر أو صلاح الدين ... وهنيئاً لنفوس استشهدت في سبيل الله دفاعاً عن المسجد الأقصى
،و نسأل الله أن يجعلنا ممن قال فيهم: